لامية ابن الوردي (691-749هـ/ 1292-1349م)
1/07/2019
أضف تعليق
لامية ابن الوردي (691-749هـ/ 1292-1349م)
اعتزلْ ذِكْرَ الأغاني والغزَلْ
وقُلِ الفَصلَ وجانِبْ من هَزَلْ
وَدَعْ الذكرَى لأيامِ الصِّبَا
فلأيامِ الصِّبَا نجمٌ أَفَلْ
واترُكْ الغادةَ لا تَحفَلْ بها
تُمْسِ في عِزٍّ رفيعٍ وتُجَلْ
وافتكرْ في مُنتَهى حُسنِ الذِي
أنتَ تَهواهُ تَجدْ أَمراً جَلَلْ
واهجُرْ الخمرةَ إن كُنتَ فتًى
كيفَ يَسعَى في جُنُونٍ من عَقَلْ؟
واتَّقِ اللهَ فتَقوَى اللهِ ما
جَاوَرَتْ قلبَ امرئٍ إلاَّ وَصَلْ
ليسَ من يَقطَعُ طُرُقاً بَطَلاً
إِنَّما مَن يتَّقِي اللهَ البطَلْ
كُتِبَ الموتُ على الخلقِ فكم
فلَّ من جيشٍ وأفنى من دُوَلْ
أينَ نَمرُودُ وكنعانُ ومن
مَلَكَ الأرضَ وولَّى وعَزَلْ؟
أينَ من سَادُوا وَشادُوا وَبَنَوا
هَلَكَ الكُلُّ ولم تُغنِ القُلَلْ؟
اين أربابُ الحِِجى أهلِ النُّهى
أين أهلُ العلمِ والقومُ الأُوَلْ؟
سَيُعيدُ الله كُلاً مِنهمُ
وسيجزِي فاعلاً ما قَدْ فَعَلْ
اطلُبِ العلمَ ولا تَكْسَلْ فَمَا
أبعَدَ الخيرَ عَن أهلِ الكَسَلْ
واحتَفِلْ للفقهِ في الدِّين ولاَ
تَشْتَغِل عنه بمالٍ وَخَوَلْ
واهجُرِ النَّومَ وحصِّله فمَن
يَعرِفِ المطلوبَ يَحقِرْ ما بَذَلْ
لا تَقُل قَد ذَهبتْ أربابُهُ
كلُّ من سارَ عَلى الدَّربِ وَصَلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدَا
وجَمَالُ العلمِ إصلاحُ العَمَلْ
جَـمِّل المنطقَ بالنحوِ فمَنْ
يُحرَمِ الإعرابَ بالنطقِ اخْتَـبَلْ
انْظُمِ الشعرَ ولازِمْ مَذهَبِي
في اطِّرَاحِ الرفدِ لا تَبْغِ النَّحَلْ
فَهُو عنوانٌ على الفضلِ وما
أحسنَ الشعرَ إذا لم يُبتَذَلْ
أنا لا أختارُ تقبيلَ يدٍ
قَطْعُها أجملُ من تِلْكَ القُبَلْ
مُلكُ كِسرى عنهُ تُغنِي كِسرةٌ
وعن البحرِ اجتزاءٌ بالوَشلْ
اطْرَحِ الدُّنيا فمن عاداتها
تُخفضُ العالي وتُعلِي من سَفَلْ
عيشةُ الراغبِ في تحصيلِها
عيشةُ الجاهلِ فيها أو أقَلْ
كَمْ جَهُولٍ بات منها مُكثرًا
وعليمٍ بات منها في عِلَلْ
كم شجاعٍ لم يَنَلْ فيها المنَى
وجبانٍِ نالَ غاياتِ الأمَلْ
فاترك الحيلةَ فيها واتَّكِلْ
إنّما الحيلةُ في تَرْكِ الحيَلْ
لا تقلْ أَصلِي وفصلي أبَدًا
إنَّما أصلُ الفتَى ما قَد حَصَلْ
قد يَسُودُ المرءُ من دُونِ أبٍ
وبِحُسْنِ السبكِ قد يُنفَى الدَّغَلْ
إنَّمَا الوردُ مِنَ الشوكِ ومَا
يَنبُتُ النرجسُ إلاَّ من بَصَلْ
قيمةُ الإنسانِ ما يُحسِنُهُ
أكثرَ الإنسانُ منهُ أم أقَلْ
بين تبذيرٍ وبُخلٍ رُتبةٌ
وكلُّ هذين إن زاد قَتَلْ
ليس يخلو المرءُ من ضِدٍ ولو
حَاوَلَ العُزلَةَ في رَأسِ الجبلْ
دارِ جارَ السوءِ بالصبرِ وإنْ
لَم تَجِدْ صبراً فمَا أحلى النُّقَلْ
إنَّ نِصفَ الناسِ أعداءٌ لِمَن
وُلِيَ الأحكامَ هذا إن عدَلْ
قصِّر الآمالَ في الدنيا تفُزْ
فدليلُ العقلِ تَقصيرُ الأمَلْ
غِبْ ، وزُرْ غِـبًّا، تَزِدْ حُباً، فمن
أكثرَ التردادَ أقصاهُ الملَلْ
لا يَضُرُّ الفضلَ إقلالٌ كمَا
لا يضُرُّ الشمسَ إطباقُ الطَّفَلْ
خُذْ بنصلِ السيفِ واترك غِمْدَهُ
واعتبِرْ فضلَ الفتَى دُونَ الحُلَلْ
حبُّكَ الأوطانَ عجزٌ ظاهرٌ
فاغتربْ تَلْقَ عن الأهلِ بَدَلْ
فبِمُكث الماءِ يبقى آسِنًا
وَسُرَى البدرِ به البدرُ اكتَمَلْ
0 الرد على "لامية ابن الوردي (691-749هـ/ 1292-1349م)"
إرسال تعليق