-->

محمود سامي البارودي

 محمود سامي البارودي

(1839 -1904)
   (فارس السيف والقلم) 

حياته: ولد محمود سامي البارودي في القاهرة من أسرة شركسية ذات جاه ونسب قديم ينتهي إلى حكام مصر المماليك. تيتَّم وهو صبي في السابعة، فعُني بعض أهله بتعليمه الابتدائي. التحق وهو في الثانية عشرة بالمدرسة الحربية وتخرج فيها وهو في السادسة عشر ضابطًا برتبة (باش جاويش) متقنا للفنون الحربية ومولعًا مع ذلك بالأدب والمطالعة، وشغف بحب شعر الحماسة، فقرأ دواوين الشعراء وخالط من عاصره منهم، فنظم الشعر وهو في نحو العشرين من عمره.
ضاقت به مصر، فهجرها إلى الأستانة (عاصمة الخلافة) مشتغلا في دواوين السياسة الخارجية، وأتقن هناك التركية والفارسية، وحفظ كثيرًا من شعرهما، ونظم الشعر فيهما. عاد إلى مصر وعُين في الحرس الخاص للخديوي، وشارك في الحروب العثمانية ضد اليونان والبلقان وأبلى بلاء حسنا. وترقَّى في المناصب العسكرية والإدارية، فاستحق رئاسة (نظارة الأوقاف والجهادية) (وزارة الدفاع).
وبعد أن شبت الثورة العرابية (أحمد عرابي) عام 1881 كان البارودي من بين الثائرين على نظام الخديوي، ورغم تعيينه فيما بعد رئيسًا للوزراء فإنه لم يرض بتصرفات الخديوي توفيق (1852-1892) وخنوعه أمام ضغوط الفرنسيين والإنـجليز الذين بعثوا بأساطيلهم إلى مصر بدعوى حماية رعاياهم من أخطار ثورة أحمد عرابي، فانضم البارودي إلى الضباط الثائرين على الغزو البريطاني (سنة 1882)، ولكنهم هُزموا نتيجة غدر الخديوي وخيانته لشعبه، فألقي عليهم القبض ونفي  البارودي مع الزعيمين أحمد عرابي وعبد الله النديم، في ديسمبر من سنة 1882 إلى (كولومبو) بجزيرة (سَرَنْدِيب) (سيلان) بالمحيط الهندي (”سيريلانكا“ حاليا)
مكث البارودي في منفاه 17 سبعة عشر عامًا كاملة، فقد في أثنائها زوجته وابنتيه، وفي منفاه قال قصائده الخالدة في الشكوى والحنين إلى الوطن ورثاء من مات من أهله وأصدقائه، وهناك تعلَّم الإنجليزية وقرأ بها وأنتج فيها، وعلم اللغة العربية وخطب بها في منابر المساجد، إلى أن عاد إلى مصر في آخر سنة 1899.
عاد البارودي إلى مصر كفيف البصر منهوك القوى ضعيف السمع، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ وخليل مطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة. توفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد عمر من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.
شعره: نظم البارودي الشعر أول مرَّة مقلدًا فتحرى في نظمه مجاراة الأقدمين في أساليبهم ومعانيهم، ودرس عادات الأقدمين في تعبيرهم، وكان في تقليده خيـرٌ كبير للأدب؛ فقد ردَّ لمعاصريه ومن تبعه يقين القدرة على الاحتذاء بفطاحل الشعراء وسلوك سبيل الجودة.
ثم استحدث بعد ذلك موضوعات مبتكرة في بعض أساليبه ومعانيه، تمثلت في أوصافه حركة النهضة الأدبية، وفي اجتماعياته تظهر حركة النهضة القومية المرتكزة على الثورة وترميم الأخلاق، فتنوع بذلك شعره؛ فوصف الكهرباء والقطارات كما وصف السجون والآثار والمشاهد الحربية، وصوَّر في حماسته آمال أمته وآلامها وتعطشها للحرية ومحبَّتها للديمقراطية، وفتح بذلك الباب لحافظ وشوقي وأمثالهما ليجولوا في هذا الميدان الواسع في الأشعار الوطنية والاجتماعية والسياسية. ثم أضاف إلى ذلك الهجاء الاجتماعي؛ فجسَّم عيوب المجتمع ونعى عليه التأخر والجهل والعادات السخيفة.
وللبارودي ديوان شعر ذو جزئين؛ فيه المدح والنسيب والفخر والحماسة والسياسة والأوصاف والإصلاح الاجتماعي والرثاء والشكوى والحربيات...

اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على " محمود سامي البارودي"

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات